الأمراض المعدية

تشكل الأمراض المعدية مشكلة صحية كبيرة وخاصةً في الدول النامية ومنها جمهورية مصر العربية وتسبب الأمراض المعدية كثير من المشاكل الصحية الأخرى منها على سبيل المثال الإعاقة و نقص التغذية و التأثير على إنتاجية الأفراد وكذلك تعتبر عبئاً عل اقتصاديات الصحة إذ أنها تحتاج مبالغ طائلة للوقاية منها وعلاجها وتعتبر الأمراض المعدية من الأسباب الهامة للوفيات ويظهر هذا واضحاً في الأطفال الرضع وحديثي الولادة إذ يعتبر الإسهال والنزلات المعوية والتهاب الجهاز التنفسي الحاد من أهم أسباب الوفيات .

الأمراض المعدية قد تكون متوطنة ( Endemic disease ) وقد تأخذ شكل وباء ( Epidemic ) مثل وباء الكوليرا وحمي التيفويد و الأنفلونزا و نزلات البرد وقد يحدث الوباء في المدارس والمصانع والمعسكرات ( Outbreak ) مثل وباء الحمى الشوكية المخية والتسمم الغذائي والالتهاب الكبدي الفيروسي A وقد ينتشر الوباء في كثير من البلدان ويسمي وباء عالمي ( Pandemic ) مثل الكوليرا والحمى الصفراء والطاعون والإنفلونزا ومرض الإيدز .

يسبب المرض المعدي جراثيم أو ميكروبات ( بكتيريا - فيروسات - طفيليات - فطريات .. إلخ ) تنتقل من مصدر العدوى إلى الأفراد المعرضة للعدوى .

تنقسم الأمراض عموماً إلى أمراض معدية مثل ( الأنفلونزا - نزلات البرد - والإسهال - شلل الأطفال .. ) أمراض غير معدية مثل ( السكر - ارتفاع ضغط الدم - الأورام - أمراض نقص التغذية ... ) .

كيفية حدوث العدوى :

تحدث العدوى عندما تنتقل الجراثيم أو الميكروبات أيان كان نوعها من مصدر العدوى إلى الإنسان .

مصدر العدوى :

مصدر العدوى قد يكون إنسان أو حيوان والإنسان كمصدر للعدوى قد يكون إنسان مريض ( مرض بسيط - متوسط - شديد ) .

يعرف حامل الميكروب بإنه إنسان سليم صحيح ظاهرياً وتكمن العدوى داخله وتخرج الجراثيم والميكروبات في إفرازاتها المختلفة وهناك أنواع كثيرة لحاملي الميكروبات إما أن يكون حامل ميكروب خاص ( في فترة الحضانة ) أو حامل ميكروب ( أثناء فترة النقاهة ) أو حامل ميكروب بيئي ( تصل إليه العدوى من الهواء والماء الملوث والطعام ) وتخرج الجراثيم والميكروبات من حامل الميكروب في إفرازات الجهاز التنفسي أثناء الكحة أو العطس أو في البصاق والبول والبراز والدم ... إلخ .

هناك كثير من الأمراض يكثر فيها حامل الميكروب منها على سبيل المثال التيفويد والبارا تيفويد والكوليرا وشلل الأطفال والالتهاب السحائي وغيره .

تنشأ أهمية حامل الميكروب إلى أن عددهم كبير يفوق عدد الحالات المرضية أحياناً كما أن حامل الميكروب لا تظهر عليه أية أعراض مرضية ويتحرك بحرية وسهولة وسط أفراد المجتمع لا يعرفهم أحد .

المريض كمصدر للعدوى ثد يكون المرض بسيطاً أو متوسطاً أو شديداً وقد يكون حاداً أو مزمناً وتخرج الجراثيم والميكروبات من المرضي في إفرازاتها وفي بولهم وبرازهم كما توجد في دمائهم في بعض الأمراض .

الحيوان كمصدر للعدوى :

تنتقل بعض الأمراض من الحيوانات إلى الإنسان وتعرف باسم ( Zoonosis ) وهي على سبيل المثال مرض الكلب الذي تنقله الكلاب عن طريق العض أو اللعق والدرن البقري عن طريق لبن ولحم ورزاز الأبقار كما تنقل الفئران كثيراً من الأمراض منها مرض الطاعون و التيتانوس وهي عضة الفأر وقد تنقل أيضاً مرض الكلب .

طرق انتقال العدوى :

تنتقل العدوى عن طريق 6 طرق هامة منها ما يلي .

1 - الرزاز :

هو القطرات السائلة Droplets الخارجة من مصدر العدوى أثناء السعال أو العطس وفي البصاق وقد تكون هذه القطرات صغيرة أو كبيرة ويساعد على حدوث العدوى عن طريق الرزاز الازدحام والتكدس وسوء التهوية والعادات غير الصحية مثل استعمال أدوات الغير من مناديل ومناشف وغيره .

من أمثلة الأمراض التي تنتقل عن طريق الرزاز مرض الإنفلونزا ونزلات البرد والحصبة والحصبة الغير الألمانية والسعال الديكي والدفتريا والدرن الرئوي والتهابات الجهاز التنفسي الحادة ( ART ) .

2 - عن طريق الطعام والشراب :

يتم تلوث الطعام والشراب بالأتربة والأيدي الملوثة والذباب المنزلي كذلك عند استعمال الأسمدة الآدمية في المزروعات ومنها الخضروات والفاكهة وخاصةً التي تؤكل نيئة ( مثل خضروات السلطة ).

من أمثلة هذه الأمراض الحمى التيفويد والكوليرا وشلل الأطفال والإسهال والنزلات المعوية والالتهاب الكبدي الوبائي A , E .

3 - عن طريق الملامسة :

في هذه الأمراض يخترق المسبب المعدي الجلد والأغشية المخاطية المبطنة للعين والأنف والجهاز التناسلي سواء في الرجل أو المرأة ومعظم هذه الميكروبات تدخل عن طريق الجروح والخدوش الموجودة في الجلد والغشاء المخاطي وهي على سبيل المثال جراثيم مرض الكلب والتيتانوس والغرغرينا المعدية .

لكن هناك بعض من الجراثيم والميكروبات يمكن أن تخترق الجلد والأغشية المخاطية السليمة دون الحاجة إلى وجود جرح أو خدش ومنها على سبيل المثال الأمراض المعدية التي تصيب ملتحمة العين ( الرمد الصديدي والحبيبي ) والأمراض التناسلية ( الإيدز - الزهري - السيلان ) ومنها الأمراض الجلدية المعدية ( الجرب - والتينيا ) .

4 - عن طريق الحشرات :

تلعب الحشرات الموجودة في البيئة دوراً هاماً في نقل العدوى وقد تنقل هذه الحشرات الجراثيم والميكروبات على جسمها من الخارج ( البطن - الظهر - الأرجل - والأجنحة ) مثال على ذلك الذبابة المنزلية والصراصير ولكن في أحياناً أخرى يكون للحشرة دوراً أهم في نقل العدوى حيث تتكاثر الميكروبات والجراثيم داخل الحشرة ( الرغوث ومرض الطاعون ) وأحياناً تكتمل دورة الحياة داخل الحشرة ( الأنوفيليس ومرض الملاريا ) .

أمثلة للأمراض التي تنتقل عن طريق الحشرات .

الذبابة المنزلية والصراصير تنقل ( حمى التيفويد - الكوليرا - شلل الأطفال ) .

البعوض تنقل ( الرمد الصديدي والحبيبي )

الأنوفيليس تنقل الملاريا .

الكيوليكس تنقل الفلاريا ( داء الفيل ) بعض التهابات المخ .

آلإيدز المصرية تنقل الحمى الصفراء وحمى الدنج .

5 - عن طريق نقل الدم والحقن :

هي مجموعة من الأمراض تنتقل عن طريق نقل الدم الملوث و البلازما و استعمال المحاقن والإبر الملوثة كذلك استعمال الأدوات الجراحية وأحياناً تنتقل عن طريق الوشم واستعمال موس الحلاقة وفرش الأسنان ومن أمثلة هذه الأمراض مرض الالتهاب الكبدي الفيروسي B , C ومرض الإيدز والزهري وأحياناً الملاريا .

6 - عن طريق الأم الحامل :

تنتقل مجموعة من الأمراض المعدية من الأم الحامل إلى جنينها تؤدي إلى الإجهاض والعدوى الجنينية وأحياناً وفاة الجنين داخل رحم الأم وقد تظل العدوى حتى بعد الميلاد وهنا قد تنتقل العدوى من حديثي الولادة للآخرين ومعظم هذه الأمراض المعدية تنتقل قبل تكوين المشيمة وأحياناً بعد تكوينها كما في مرض الزهري ومن أمثلة هذه الأمراض الإيدز والحصبة الألمانية والحصبة العادية والالتهاب الكبدي الفيروسي B .

طرق مقاومة العدوى بالمناعة الطبيعية :

لقد من الله علينا بطرق ودفاعات عديدة لمقاومة العدوى وحصرها وهي ما تسمي بالمناعة الطبيعية وهي كما يلي .

1 - خط الدفاع الأول ضد الأمراض :

- الجلد والأغشية السليمة الخالية من الخدوش والجروح تقاوم وتمنع دخول الكثير من الجراثيم والميكروبات .

- الشعر الموجود في الجزء الأمامي من الأنف ويحجب كثير من الميكروبات .

- الأهداب المبطنة للغشاء المخاطي في الجهاز التنفسي تطرد الكثير من الجراثيم .

- العطس والكحة يخلص الإنسان من آلاف بل ملايين الجراثيم .

- اللعاب و الجراثيم المتعايشة في الأمعاء أيضاً له دور في مقاومة الجراثيم .

- حامض المعدة له تأثير مميت للجراثيم وخاصةً جراثيم الكوليرا .

2 - خط الدفاع الثاني ضد الأمراض :

البلازما التي تحتوي على أجسام قاتلة للجراثيم ( الليسينات ) كما تحتوي على الأجسام المضادة للميكروبات ( Antibodies ) الخلايا البلعمية الآكلة للجراثيم ( Phagocytosis ) .

طرق الوقاية والمكافحة العامة :

للوقاية من الأمراض المعدية هناك طرق عامة للوقاية منها ما يلي .

- النهوض بمستوى الأفراد والمجتمع من كافة النواحي الاجتماعية والثقافية والاقتصادية .

- الاهتمام بنظافة وصحة البيئة وتشمل منع تلوث الهواء وتوفير المياه الصالحة للشرب والتصريف الصحي للفضلات الآدمية ومكافحة الحشرات والفئران و الاهتمام بصحة الغذاء .

- رفع المستوى الصحي العام وذلك بالاهتمام بنواحي التغذية وتوفير الغذاء وذلك لأن التغذية السليمة كماً ونوعاً هي أحد الأسلحة لمقاومة الأمراض وخاصةً المعدية منها .

- التوعية الصحية لكافة أفراد الشعب وتشمل طرق انتقال العدوى وكيفية تجنبها والوقاية منها وأهمية إعطاء اللقاحات والأمصال الواقية .

1 - طرق وقائية خاصة :

تشمل الوقاية باستعمال اللقاحات ( الحية المروضة والمميتة ) كما هو الحال في مرض شلل الأطفال ( لقاح سابين - سولك ) والحصبة ( لقاح حمي مروض ) والحصبة الألمانية والنكاف ( حي مروض ) .

تعطي اللقاحات إما عن طريق الفم ( نقط شلل الأطفال ) أو عن طريق الحقن إما داخل الجلد ( لقاح بي سي جي ) أو عن طريق الحقن في العضل أو تحت الجلد ( لقاح الحصبة والالتهاب السحائي إلخ ) وتعطي اللقاحات مناعة وقائية تصل من 50 : 100 % فعلى سبيل المثال يعطي لقاح التيفويد والكوليرا مناعة متوسطة حوالي 50 % بينما يعطى لقاح بي سي جي 80 % وقاية ويعطى لقاح الحصبة وشلل الأطفال أكثر من 95 % مناعة وتصل المناعة إلى حوالي 100 % من لقاح الحمى الصفراء .

وتستعمل الأمصال ( الأجسام المضادة ) إما قبل التعرض للعدوى أو بعدها وتعطي تأثيراً سريعاً ولكنه مؤقتاً ويزول مفعولها بعد أسابيع قليلة وتستعمل أحياناً للوقاية من مرض الالتهاب الكبدي B , A والحصبة والسعال الديكي ومرض الكلب .

2 - الوقاية باستعمال الأدوية :

تستعمل بعض العقاقير للوقاية من الأمراض المعدية وأحياناً تكون هي الوسيلة الوحيدة الفعالة للوقاية كما هي الحال في الوقاية من مرض الكوليرا باستعمال ( التتراسيكلين ) ويعطي للمسافرين عند رجوعهم من الأماكن الموبوءة و للحجاج بعد رجوعهم من موسم الحج والعمرة ويستعمل البنسلين طويل المفعول كل 2 : 3 أسابيع للوقاية من العدوى بالميكروب السبحى في مرض الحمي الروماتيزمية وروماتيزم الكلب .

يستعمل الريفامبيسين للوقاية من الالتهاب السحائي ( الحمي الشوكية المخية ) 600 مجم يومياً لمدة 5 أيام .

مكافحة العدوى :

تشمل إجراءات صحية للمرضى والمخالطين بالنسبة للمريض الاكتشاف المبكر للمرض .

التبليغ لأقرب مكتب صحة وأحياناً تبليغ منظمة الصحة العالمية في حالة الكوليرا والطاعون والحمى الصفراء والعزل في المنزل طالما توفرت الشروط الصحية وتبعاً لطبيعة المرض أو المستشفى ويعتبر العزل إجبارياً ولازماً في المستشفيات أمراض الحجر الصحي مثل الكوليرا والطاعون والحمى الصفراء .

التطهير المصاحب أدوات المريض وإفرازاته وهناك التطهير النهائي بعد شفائه أو خروجه من العزل أو الوفاة إن حثت ويسمح للمريض بالخروج ومزاولة الحياة بصورة طبيعية تبعاً ( الحالة العامة - طبيعة المرض - وجود حامل ميكروب من عدمه ) .

أخيراً الحالات التي تحتاج إلى تأهيل ( الحالات المعاقة ) يلزم عمل التأهيل اللازم سواء كان هذا التأهيل اجتماعياً أو نفسياً أو بدنياً .

المخالطين :

- عمل حصر المخالطين .

- ملاحظة أية بوادر مرضية .

- الاضطرار للعزل في بعض الأمراض .

- تحصين المخالطين باللقاحات الواقية أو إعطائهم الأدوية الواقية .

- التوعية الصحية للمخالطين .

الوقاية من العدوى :

بالإضافة لما سبق فهناك بعض الوقائيات والتي على المثقف الصحي بيانها وهي كما يلي .

1 - الوقاية من الأمراض المنقولة بالرزاز والعطس :

- استعمال المنديل عند العطس أو الكحة .

- عدم البصق على الأرض واستخدام المنديل عند البصق .

- تجنب الأماكن المزدحمة .

- الاهتمام بتهوية الفصول أو المنازل وأماكن العمل والعبادة .

- عدم مخالطة المرضى .

- عدم استعمال أدوات المريض الشخصية مثل الفوط والمناديل .

- سرعة اكتشاف الحالات المرضية وعلاجها .

- استخدام التحصينات اللازمة .

2 - الوقاية من الأمراض المنقولة عن طريق الطعام :

- عدم تناول الأطعمة المكشوفة المعرضة للذباب والأتربة .

- تغطية الطعام جيداً فور إعداده وعدم تركه مكشوفاً .

- غسل الخضروات جيداً بالماء الجاري والصابون وإضافة الخل أو عصير الليمون إلى ماء الغسيل .

- الاهتمام بطهي الطعام جيداً .

- الاهتمام بالنظافة الشخصية مثل غسل الأيدي بعد التبرز والتبول وقبل الأكل وبعده وقص الأظافر .

- عدم مخالطة المرضى وعدم استعمال أدوات المريض الشخصية .

- التبول والتبرز في الشوارع واستخدام دورات المياه عند قضاء الحاجة .